"أحلام طفل تتجسد في الحقيقة"
الجزء الأخير
.....وبمنتصف النهار يأتي والده ليأخذه من المدرسة، يكون حينها الطفل متضايقا ومستاءً مما حدث بالمدرسة، يخبر والده ببداية ظهور تحقيقات بالمدرسة لاختفاء أحد الطلبة، ولا يخبره بأن كابوسه المريب سبباً وراء كل ذلك، كان الطفل حزين للغاية لبداية ظهور الكانكر من جديد بحياته وإصراره على أّية كل من حوله.
وعندما يعودان للمنزل يجدان الزوجة قد أعدت الطعام، وبحلول المساء تعد كوبا من الحليب الدافئ وتضع به دواء المنوم الذي كانت قد اشترته مقدما أملا في رؤية ابنها، كانت أيضا قد ملأت المنزل بأكمله بصور ابنها الراحل بملابس مختلفة، الزوج لاحظ كل شيء واستاء كثيرا من تصرفات زوجته حيث أنها بدأت في استغلال الطفل الصغير من أجل رغباتها الشخصية، وأصبحت غير مبالية بحال الصغير ولا بما يمر به.
بعد نوم الصغير تحدث معها في الأمر وما تفعله، وبينما كان الزوج يجمع الصور من على الجدران إذا بابنهما الصغير يظهر أمامهما، وما إن تقترب منه والدته حتى يتغير شكله فيصبح مخيفا لأبعد الحدود، لدرجة أن عينيه تصبح مجوفة وتخرج منها أشياء مخيفة ومرعبة، يجري الزوج لغرفة الصغير ليوقظه من نومه ويختفي الكابوس المفزع الحقيقي من أمام أعينهما غير أن الزوجة بكل خوف ودموع تخبره بأنه لن يستيقظ من نومه إلا بعد انتهاء مفعول المنوم!
ويتحول ابنهما المخيف للكانكر الذي كان قد تحدث الطفل معه مسبقا مع الزوجة، تغلق الزوجة الباب بإحكام ولكن الشيء المعرب بضربة واحدة بقدمه يتمكن من تكسيره وتحويله لأشلاء، يضرب الزوجة فتصرع على الأرض طريحة، ترى أمام عينيها زوجها والكانكر يقترب منه ويسلبه جسده كاملا، وبعدها تغيب الزوجة عن الوعي، وعندما تستعيد وعيها تجد الطفل ممسكا بالهاتف يستنجد برجال الشرطة لإنقاذ والدته.
وبعد تعافيها بالمستشفى تجد أن الدار قد أخذت منها الطفل لوجود مواد منومة بدمه وبذلك أثبتت المحكمة أنها غير آمنة عليه وباختفاء زوجها أيضا تزداد الأمور سوءاً أكثر فأكثر، تحرم الزوجة من الطفل ومن زوجها أيضا الذي اختفى أمام عينيها من العالم بأكمله، تشعر بالذنب تجاه زوجها حيث أن أنانيتها لرؤية ابنها المتوفى أعمت بصرها فخسرت ما كان بين يديها بحثا عن خيال.
تأخذ الزوجة عهدا على نفسها باسترجاع ما خسرته، باسترجاع زوجها الحبيب وباسترجاع الطفل من الدار حيث أنه ابنها الذي عوضها فقدان ورحيل ابنها المتوفى، فتذهب للدار لرؤيته ولكن مديرة الدار تمنعها منعا باتا من رؤيته، فتتمكن الزوجة من أخذ ملف الطفل لمعرفة أي خيط يوصلها لتحقيق مرادها.
فتقرأ الملف بتمعن وإتقان وتجد أول خيط ودليل تجري ورائه، والد الطفل بالتبني أيضا تجده بمستشفى الأمراض العقلية، فتذهب إليه وتتحدث معه لتعرف ما حدث مع زوجتها والتي اختفت أمام عينيه مثلما أدلى ومثلما حدث معها ولكن لم يصدقه أحد، فيروي لها الرجل ما حدث معه كاملا ويرى ألا حل مع الطفل سوى بقتله وتخليص البشرية من شروره، ولكن الزوجة تأبى أن تأخذ بنصحه وأنها أحبت الطفل ولن تتخلى عنه، تتركه وتذهب بعيدا عنه غير مبالية بكلماته التحريضية على قتل الطفل الصغير البريء.
تمسك بالطرف الثني فتذهب للمستشفى التي توفيت بها والدة الطفل عندما كان عمره ثلاثة سنوات، وهناك تجد صندوقا بأرشيف المستشفى به فراشة زرقاء اللون في غاية الجمال (لعبة)، ودفتر مذكرات لوالدة الطفل قبل رحيلها، تأخذ الصندوق وتقرأ كل ما به.
وبعدما تفهم كل شيء تعود للدار، فتجد أن كل من الدار بداخل يرقات، فتوقن أن الطفل نائم واستخدم هذه الطريقة ليحمي كل من بالدار من كابوسه، تبحث عنه بكل الغرف فتجد ابوها بصورة مخيفة ولا تكترث له، كما أنها ترى أمام عينيها البانيو وابنها أثناء غرقه فتعطيه ظهرها ولا تحاول إنقاذه، والدموع تفيض من عينيها ولاتزال تبحث عن الطفل حتى تجده نائما بإحدى الحجرات، فتقترب منه لتوقظه ولكن الكانكر يجذبها ويلقي بها بعيدا عن الطفل، وبينما يعدو نحوها ليؤذيها تخرج الفراشة وتجعلها بين يديها فيهدأ الكانكر لتعرفه عليها، وتضمه لصدرها وإذا بشكله يتعدل حتى يصبح الطفل الصغير نفسه ويختفي، وكل من بالدار يخرج من يرقاته فتحمل الزوجة الطفل بين يديها وتأخذه معها للمنزل، تراها المديرة وتؤديها فيما تفعله.
وعندما تعود به للمنزل تروي له كل ما توصلت إليه، تعطيه مذكرات والدته والتي كتبت بها والدته أنه طفل موهوب ولد بميزة نادرة الوجود وفريدة من نوعها وهي أن كل ما يراه بنومه يتجسد حقيقة في الحال، كانت والدته دوما ترى الفراشات من حوله أثناء نومه نظرا لحبه الشديد لها ولعبه دوما معها في حديقة منزله قبل ذهابه للنوم؛ كما أنها كانت ترى كل ما تحلم به وتتحدث به أمامها بمجرد خلوده للنوم، لقد رأت منه كل الأعاجيب.
كان الطفل ووالدته يعيشان في سعادة لا توصف حتى جاء اليوم الذي مرضت فيه والدته مرضا شديدا ودخلت إثره المستشفى وشخصت حالتها بأنها مصابة بمرض السرطان، وأنها أيضا كانت لفي مراحلها المتأخرة منه، لذلك لم تستمر الأم مع طفلها الصغير والذي كان حينها بسن الثالثة من عمره إلا ستة شهور، كان يراها طفلها الصغير بكل مرة بشكل مريع أكثر من المرة السابقة نظرا للعلاج الكيميائي الذي شرعت في أخذه، لقد كانت متغيرة الشكل بطريقة مريعة، ونفس الكانكر الذي كان يظهر في كابوسه ما هو إلا شكل والدته قبل رحيلها ولكنه أبشع من ذلك نظرا لأن الطفل الصغير ربط رحيل والدته بالكانكر الذي أخذها عنوة من أمام عينيها.
كانت الزوجة تروي له كل ما توصلت إليه وتحتضنه والدموع تفيض من عينيها، لقد كانت حزينة للغاية على رحيل زوجها الذي أحبته كثيرا، أخبرت الطفل أنه يمتلك موهبة تمكنه من استعادة كل شيء، موهبة تمكنه من إرجاع الفرحة لكل من حرموا من أقربائهم وذويهم بسبب الكابوس المفزع.
طمأنته والدته الجديدة قائلة: “أنت كنت في حاجة ماسة لوالدتكِ، وأعدك بأنني سأكون أما صالحة لك ولن تشعر باستياء ولا وحدة بعد الآن، وأنا كنت دوما في اشتياق لابني الوحيد الراحل عن الحياة، ولكنك عوضتني عنه، وكل منا عوض الآخر عن نقصه واحتياجه، أعدك ألا أتركك نهائيا لآخر لحظة بعمري سواء طال أو حتى قصر”.
حضن الطفل والدته وشعر بحضنها بالدفء والأمان الذي كان قد افتقده منذ زمن بعيد، وبعدها لوح بيده واستطاع أن ينشأ فراشة جميلة زرقاء اللون دون أن يذهب للنوم، وبذلك استطاع أن يتحكم في قواه الخارقة.
وقف مكانه واستجمع كامل قواه وعزيمته واستطاع استرجاع كل من تاهوا بخياله ومخاوفه، لقد عاد الزوج له ولزوجته من جديد، وعادت الزوجة المخطوفة من قبل لمكانها الذي اختفت منه واستطاعت أن تتوصل لمكان زوجها بمستشفى الأمراض العقلية، واستطاع أن يرجع الأسرة الأولى، وبذلك تمكن من فعل ما طلبته منه والدته الجديدة والتي كانت في غاية السعادة لتمكن صغيرها الجديد من إعادة كل الأوضاع لطبيعتها كما كانت من قبل.
تعليقات
إرسال تعليق